';';

هكذا نظَّر “فيلسوف بوتين” لأوكرانيا قبل حوالي 20 سنة من الآن..

محمد الزاوي27 فبراير 20222آخر تحديث :
هكذا نظَّر “فيلسوف بوتين” لأوكرانيا قبل حوالي 20 سنة من الآن..

تمغربيت:

بقلم: محمد زاوي*

نشر ألكسندر دوغين، المفكر والفيلسوف الروسي، الملقب ب”عقل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، كتابه “أسس الجيوبولتيكا: مستقبل روسيا الجيوبولتيكي”، عام 1999؛ أي قبل حوالي عشرين عاما من “التدخل العسكري الحالي لروسيا في أوكرانيا”.

الكتاب من الحجم الكبير (710 صفحات)، خصص دوغين ثلثه الأول لبسط عرض غاية في الأهمية لأهم مدارس ونظريات ومؤسسي حقل “الجغرافيا السياسية”، فيما خصص ثلثيه المتبقيين لتحديد “المنحى الاستراتيجي” الذي يجب أن تسلكه روسيا في سياستها الخارجية، أي في علاقتها بالعالم.

علاقتها بآسيا، بإيران، بإفريقيا، بأوروبا الغربية، بأوروبا الشرقية، بالولايات المتحدة الأمريكية… الخ؛ كلها علاقات يخوض دوغين غمار تحديد طبيعتها المستقبلية، في إطار ما يحقق مشروع “الأوراسية الجديدة”، وبتجاوز كافة النظريات السياسية الكلاسيكية (الليبرالية/ الماركسية/ الفاشيستية) بما يسميه “النظرية السياسية الرابعة”.

قد يكون ما يستصحبه دوغين، في حديثه عن “الأوراسية العالمية” مجرد إيديولوجيا لمصالح روسيا القومية، وهذا ما يجب التعامل معه بحيطة وحذر (يمكن الرجوع بتفصيل إلى “نظرية” دوغين في كتاب آخر له بعنوان “الخلاص من الغرب: الحضارات الأرضية مقابل الحضارات البحرية الأطلسية”)؛ إلا أن ما يهمنا هنا هو “المنحى الاستراتيجي” الذي رسمه دوغين لإدارة الدولة الروسية.

ويشهد الواقع السياسي الروسي، داخليا وخارجيا، أن الإدارة الروسية حققت أغلب الأهداف الاستراتيجية التي وضعها “المدافع الشرس عن الحضارات الأرضية”، وهو ما صرح به دوغين نفسه، ذات لقاء تلفزي.

وقد كان كلام دوغين، قبل عشرين عاما من الآن، حاسما بخصوص “المسألة الأوكرانية”، تحت عنوان “مشكلة أوكرانيا ذات السيادة” (ص 400-401)، وقال بصرامة: “لا خيار لروسيا، إلا أن تضم أوكرانيا لاستراتيجيتها، وإلا فلا مجال للحديث عن المشروع الأوراسي”. يسجل دوغين كل ذلك، ويستدرك بأنه لا يعني بقوله حرمان الشعب الأوكراني من خصوصيته، وإنما يعني به ممارسة تلك الخصوصية في إطار “الاستراتيجية الأوراسية”.

تدعي روسيا، اليوم، أن مصالحها الأمنية مهددة عبر الواجهة الأوكرانية، وترى أن ضم أوكرانيا إلى حلف “الناتو” يشكل خطرا على تلك المصالح. ولسنا ضد هذا الادعاء مطلقا، خاصة وأن الغرب (الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا) يسعى إلى تطويق روسيا من خلال توسيع جغرافية “الناتو” في أوروبا الشرقية.

قلتُ: لسنا ضد الادعاء الروسي مطلقا، إلا أن روسيا لم تكن لتترك أوكرانيا ل”أقدار السياسة”، ولو لم تكن مهدَّدة بالناتو وأمريكا، عبر واجهتها.

هذا ما قاله ألكسندر دوغين قبل حوالي عشرين عاما من “التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.