تمغربيت:
الحسن شلال
* تاريخنا فخرنا *
مدخل
ليس درسا في التأريخ وللتاريخ من اجل التغني بالامجاد او الركون إلى الماضي التليد او او. بل هو استحضار لتجربة مستمرة لاكثر من 12 قرنا. راكم فيها المغاربة علماء وسلاطين وجيوشا وشعوبا وقبائل لثقافة وتاريخ وحضارة. كل ذلك مكنهم من تأسيس وبناء دولة امة وهوية متميزة وتدين مغربي متفرد وتاريخ عظيم لإمبراطورية عظيمة مثلت الخلافة وإمارة المؤمنين بالغرب الإسلامي … نختزاها في الفرادة المغربية.
هذا التاريخ سيبقى خالدا في تاريخ الدولة الأمة المغربية وتتداوله الألسن والقصص بنبرات الفخر وعبارات العزة.
معركة الهري
13 نونبر 1914؛ تاريخ معركة الهري الخالدة هي تجسيد تاريخي لبطولات الجهاد الوطني للأمة المغربية بالأطلس المتوسط الذي قهر الغزو الفرنسي؛ بعد أن أصبح احتلال المغرب ضمن استراتيجية فرنسا الاستعمارية…
في هذا السياق، كان الاستعمار يهدف إلى “تأمين السيطرة الشاملة على المغرب الأوسط ووضع حد لكل بؤر المقاومة الزيانية التي كانت تتخذ من هضاب ومرتفعات الأطلس المتوسط مجالا استراتيجيا لتوجيه عملياتها المسلحة ضد معسكرات العدو ومراكزه المنتشرة في مواقع وجبهات مختلفة
وعلى عكس ما كانت تشتهيه سفن الاستعمار، تعتبر معركة “الهري”، سنة 1914؛ سنة إذلال للجيش الفرنسي التي تكبد فيها أكبر خسارة عسكرية له، إذ قتل فيها حوالي 700 من جنوده باعتراف فرنسي رسمي، ومن بينهم أكثر من 30 ضابطا، ولقن فيها المقاومون المغاربة في عمق جبال الأطلس، الجيش الفرنسي أقسى درس عسكري تلقاه في حملاته الاستعمارية، بقرية صغيرة قرب مدينة خنيفرة حاضرة قبائل زيان؛ تحت قيادة موحى أوحمو الزياني، الرافضة للخضوع لسلطة المستعمر الفرنسي وسياسته …
كان موحى أوحمو الزياني واحدا من القادة المحليين الذين عيّنهم السلطان الحسن الأول خلال القرن الـ19، لضمان خضوع المناطق المختلفة للحكم المركزي لمكانته. ولقد كان موحى أوحمو كأمغار القبيلة (كبيرة) يعتبر امتدادا لحكم السلطة المركزية.
في سن العشرين، عينه السلطان مولاي حسن الأول قائدًا في عام 1886. وهو أحد هؤلاء القادة العظماء الذين خُلدوا في صور رسمها مؤرخو الاستعمار
وحول المعركة قال المارشال ليوطي في برقيته لحكومته: “لم يسبق لفرنسا في تاريخها العسكري أن منيت بمثل هذا التدمير في قوة هامة من قواتها، وخسرت مثل هذا العدد من ضباطها، وأضاعت مثل هذا القدر الكبير من عتادها”.
معركة الأرك
جاز السلطان “المنصور الموحدي” بجيشه من كل القبائل والزوايا في كل أنحاء المغرب إلى ولاية الأندلس وفي منطقة تسمى “الأرك “قرب طليطلة كان اللقاء مع جيوش ألفونسو المدعومة من مملكتي ليون ونافار والتحالف الأوروبي بعد دعوات الباب الفاتيكان فأذاقهم هناك هزيمة نكراء في معركة “الزلاقة” وقتل منهم أزيد من عشرين ألف، وكتب ابن أبي الهيجاء قائلا: “جُمعت رؤوس القتلى فكانت عشرين ألف رأس، فبنوها أربع منائر وأذن المسلمون عليها”، ثم كتب ابن عباد إلى ولده الرّشيد كتابا وأطار الحمام به في يوم السبت سادس عشر المحرم يخبره بالنّصر.
معركة وادي المخازن
تعتبر معركة وادي المخازن من ملاحم الأمة المغربية الكبرى التي عرفها تاريخها البطولي المجيد؛ وهي المعركة التي سطرت بطولاتها الدَّولة السَّعديَّة على عهد السُّلطان عبد الملك؛ وتم تتويجها بانتصار ساحق على الإمبراطورية البرتغالية.
لقد ساندت مجموعة من القوى وباركت العقلية الإستعمارية (لسيباستيان)؛ حيث انضمت إلى القوات البرتغالية التي قدرت ما بين 80 ألف و120 ألف؛ قوات إسبانية (20 ألف) وإيطالية (7 آلاف)؛ والبابا (4 آلاف)؛ وألمانية ( 3 آلاف) ؛ ، وكان معهم المتوكل بقوات تتراوح ما بين 3000 – 6000 على الأكثر. وآلاف الخيالة وأزيد من 40 مدفعا؛ عبر ألف مركب لنقلها لطنجة وأصيلا شمال المغرب؛ كلها تحت تصرف الملك البرتغالي سيباستيان.
هذه المعركة التاريخية تطلبت، بفضل الخبرة والبسالة القتالية، من المغاربة فقط أربع ساعات لإلحاق أكبر هزيمة ساحقة بالبرتغاليين؛ التي بلغت فيها خسائر الجيش البرتغالي: 12,000 قتيل بالإضافة إلى 16,000 أسير.
في ذلك الوقت كانت القوات المغربية لا تتعدى 40 ألف مجاهد؛ و34 مدفعا؛ لكنها تضم خيرة الخيالة الذين تجسدت قوتهم وعزيمتهم في الإلتفاف تحت أمر قيادة الملك عبد الملك المعتصم بالله السعدي الذي غالبه المرض وتوفي على إثره قبل وصول قواته إلى موقعة وادي المخازن.
فقد استطاع الفرسان المغاربة تطويق الجيش البرتغالي، ومنعتهم الخيالة المغربية من أيِّ فرصةٍ للفرار؛ وقتل/صُرع سيباستيان؛ ووجدت جثته طافية على الماء؛ ووقع المتوكِّل رمز الخيانة غريقاً في وادي المخازن بعد أن حاول الفرار شمالاً. وأثبت المغاربة أن أرض المغرب هي مقبرة للغزاة
ومات في هذه المعركة ثلاثة ملوكٍ،:
– «سبستيان» ملك البرتغال،
– والملكٌ المخلوعٌ الخائنٌ «محمَّد المتوكِّل»
الذي كان فارا إلى سبتة، ثم دخل طنجة مستنجدا بملك البرتغال سبستيان، بعد أن رفض ملك إسبانيا فيليب الثاني مساعدته؛ وتعهد بالتنازُل له عن الشواطئ المغربية، لقاء الحماية ومساندته. للفتك بعمه
– والملك عبد الملك المعتصم بالله الذي توفي مريضا قبيل اندلاع المعركة
وصف الجنرال الفرنسي كِيوم معركة الهري القاسية والمذلة. حيث قال “لمْ تُمنَ قُوَّاتنا قط في شمال أفريقيا بمثل هذه الهزيمة
على إثر ملحمة وادي المخازن فقدت البرتغال استقلالها ومستعمراتها؛ إذ احتلتها إسبانيا لعدم وجود وريث للعرش؛ بعد مقتل الملك سيباستيان في وادي المخازن الذي قاده غروره إلى حتفه