تمغربيت:
إن تنفس عبق “تمغربيت” يجعلك تحس في دواخلك بما هو مغربي وما هو مدسوس على الهوية والحضارة والتاريخ. ويشهد الله أنني، وبمجرد رؤية مسجد سيدي الهواري بوهران، وقع في قلبي شيء يخبرني أن هذا المعمار وهذا النموذج لا يمكن أن يكون تركيا رغم أنهم أطلقوا عليه اسم “مسجد محمد الباي عثمان الكبير”.
تزوير التاريخ لن يقف عند هذا الحد بل تجاوزه إلى ارتكاب مجزرة تاريخية من خلال مسح أربعة قرون من تاريخ البشرية في محاولة لمحو فترة الفتح المغربي للجزائر، وبذلك نسب المسجد للأتراك وادعوا زورا بأنه بني في القرن الثامن عشر 18 ميلادي.
لكن، وبمجرد زيارة سريعة على محرك “الحاج غوغل” يأتيك الخبر اليقين بأن هذا المسجد بني عندما كانت مدينة وهران تحت حكم الدولة المرينية المغربية وبالضبط على عهد أبي الحسن المريني وهذا ما يشهد به المؤرخ باللو والذي استشهد به أبو القاسم سعد الله صاحب كتاب “تاريخ الجزائر الثقافي” وقال فيه “ويقع مسجد سيدي الهواري في حي القصبة. ويرجع إلى القرن 14 م، وفيه 16 عرصة، كل اثنتين منها ملتصقتان. وله قبة مستطيلة ذات نوافذ زجاجية ملونة. وكان المعلم الإسلامي الوحيد الذي بقي قائما في العهد الإسباني”. ومعلوم أن الإسبان سبقوا الأتراك إلى حكم وهران.
فكيف يكون اسم الجامع على شخصية عاشت في القرن 14م ويشهد المؤرخون الجزائريون بأنه ظل قائما إلى غاية عهد الاحتلال الإسباني الذي سبق الاحتلال التركي ثم يُنسب إلى شخصية عثمانية/تركية لم تدب فوق الأرض إلا في القرن 18م؟؟ ثم من أي للأتراك بهذا النمط في البناء المغربي الأصيل؟؟؟ راها باينة من الطيارة إلا لمن أراد أن يزور التاريخ كما يزور الحاضر.
ثم إن الأتراك لم يدخلوا الجزائر إلا سنة 1516م أي في القرن السادس عشر الميلادي، فما علاقتهم بالمسجد؟؟؟