';';

عبد الباري عطوان بين بؤس الإعلام وإعلام البؤس

رئيس التحرير4 فبراير 20226آخر تحديث :
عبد الباري عطوان بين بؤس الإعلام وإعلام البؤس

تمغربيت:

 الصادق بنعلال*

خص عبد الباري عطوان رئيس تحرير صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية المنتخب الجزائري لكرة القدم، بعد خروجه من دور مجموعات كأس الأمم الإفريقية، بإطراء ومساندة كبيرين، حيث وجد متسعا من الوقت ليكتب تدوينة في صفحته على التويتر، فضل أن تكون آية قرآنية (139) من سورة آل عمران “ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون”، ومعلوم أن الآية الكريمة موجهة إلى المسلمين الذين انهزموا في أحُد تخبرهم أنه رغم الهزيمة أمام الكفار، إلا أنهم مطالبون بتجنب الإحساس بالضعف والحزن.. وهو استشهاد بالغ التهافت والبؤس والخسران المبين حيث لا قياس مع الفارق.

وفي الأثناء أسرع السيد عطوان مرة أخرى لتهنئة المنتخب المصري الشقيق على فوزه الأخير على الكاميرون قائلا: “مصر إلى الدور النهائي لبطولة إفريقية ألف ألف مبروك”، في حين لم يحظ المنتخب الوطني المغربي بأي اهتمام من طرفه سواء بعد الفوز أو على إثر الهزيمة! طبعا لن نستجدي منه مدحا ولا تبريكا ولا حتى إشارة إلى النخبة الوطنية المغربية، فالرجل بقدر ما أنه غارق كليا في “غرام” الأنظمة العسكرية الاستبدادية الفاسدة، بقدر ما أنه يكن قدرا غير محدود من العداء للأنظمة العربية المدنية، التي ضمنت حدا لا يستهان به لمواطنيها من الحرية والعدالة والديمقراطية والكرامة الإنسانية، وكما يقول أهل العشق: “إن الهوى فضاح”، ولسنا في حاجة إلى أن نذكر السيد عطوان بالمثل العربي الشهير: “كاد المريب أن يقول خذوني”.

وعليه، فقد أضحت هذه الصحيفةُ “اللندنية”، منصةً لغمز ولمز المملكة المغربية ليس فقط عبر الاقتصار على نشر المقالات المناوئة للحق المغربي في تحصين وحدته الترابية لمن هب ودب، والإحجام عن نشر مقالات أخرى تحمل رأيا يخالف رواية النظام العسكري الجزائري المليئة بالأساطير والادعاءات، بل إن السيد عطوان نفسه ولج غمار المعركة للذود عن الجمهورية الجزائرية رمزِ “التصدي للكيان الصهيوني (كذا) والدفاع عن تقرير مصير الشعوب غير المستقلة!”، من خلال ما يخصصه من “افتتاحيات” تقطر حقداً على الأمة المغربية وثوابتها المقدسة، وعبر فيديوهات ترشح كيدا وتطرفاً لهذا المغرب “الأقصى” القريب إلى كل الشعوب العربية الشقيقة في السراء والضراء.

لا يتوانى السيد عطوان عن التعبير عن “مشاعره المجروحة والقلقة” إزاء الدولة الجزائرية “المهددة” بالتقسيم والعدوان المغربي الإسرائيلي، دون أن ينتبه ولو مرة واحدة “لشيء” اسمه الأمة المغربية التي يعود تاريخها إلى قرون من البناء والإشعاع، والتي تعرضت في الخمسين سنة الأخيرة لأسوء عداء يمكن أن يصدر من دولة نحو جارتها في العالم. لا يهم السيد عطوان أن تجعل الدولة الجزائرية من المغرب شأنها الداخلي، وتحشر أنفها في قضاياه الخاصة، ولا يهمه أيضا “نضال ومقاومة” المسؤولين الجزائريين من أجل تقسيم المغرب وتدريب الانفصاليين المغاربة في تندوف وتسليحهم وتموليهم، وجعل كل وسائل الإعلام الرسمية و”الخاصة” في خدمة جبهة البوليساريو الانفصالية، لا بل إن السيد عطوان استهان بالشعب الجزائري العظيم ممثلا في حراكه الشعبي المجيد، والذي خرج مطالبا بالدولة المدنية الديمقراطية، وإقامة نظام سياسي عصري منفتح على شعبه وعلى دول الجوار والعالم، بذهنية حديثة بعيدة عن دوغمائية عهد الحرب الباردة، وانتصر للأسف الشديد للنزعة العسكرية الاستئصالية المغامرة بأحلام الشعوب المغاربية في الوحدة بدل التقسيم والانفصال.

وهنا نتساءل، كيف لإعلامي مثل السيد عطوان أمضى عقودا من السنين في المضمار الصحفي بالغ التنوع والثراء أن يغرق حتى أذنيه في الذاتية المرضية والعاطفة المأزومة، والانحياز للدكتاتوريين وقاهري الشعوب والرافضين لأي حل سلمي مع شعوبهم المضطهدة والمعدمة، إلى درجة يصبح عاجزا عن التعاطي المحايد والمتوازن والموضوعي مع قضايا سياسية عربية حساسة جدا؟ لماذا هذا الإقصاء والإهمال الفظيعين للمكانة والدور المحوري للدولة المغربية التي أضحت رغم أنف “الجميع” قوة ضاربة بالمعنى الحقيقي وليس المجازي للكلمة في الإقليم اقتصاديا واجتماعيا وأمنيا وعسكريا، رغم أنها تستورد مصادر الطاقة “النفيسة” من الخارج مثل الغاز والنفط؟ عكس بعض الأنظمة العربية العسكرية “الغنية” والفاشلة حتى في ضمان وسائل العيش الكريم “لمواطنيها” المساكين!

كان من المفروض على السيد عطوان وهو في مرحلته الأخيرة من العمل الصحفي الشاق والمديد، أن ينظر ولو مرة واحدة إلى هذا الشعب المغربي الذي بنى ما بناه من إنجازات أضحت مفخرة كل العرب وفي شتى الميادين، في سياق جوار بالغ العداء والجرم والاستعداد لإضرام “الحرائق”، وإعلان الحرب الكارثية على المنطقة المغاربية كلها انسجاما مع “مبدأ” عليّ وعلى أعدائي.

وإذا كانت الدولة الجزائرية قد أخلفت مواعيد كثيرة وأهدرت فرصا عديدة لبلورة تنمية شاملة ونهضة سياسية فاعلة، فإن السبب يعود إلى القرارات الانتحارية المقامرة التي أقدمت عليها منذ الاستقلال إلى الآن. كان من المنتظر من السيد عطوان أن يَطْلَعَ علينا بحديث عقلاني مكتوب أو مصور يوضح فيه الحقيقة “الغائبة”؛ حقيقة أن الجزائر ليست في حاجة إلى اقتناء هذا الكم الهائل من الأسلحة وبشكل متواصل، على حساب حق الشعب الجزائري العظيم الذي يعاني حاليا الأمَرين للحصول على أبسط المواد الغذائية الأساسية، بل إنها في أمس الحاجة إلى الاستجابة للمبادرة الكريمة لملك المغرب والداعي إلى الصلح والتطبيع وفتح الحدود، ولقاء القرن من أجل تصفية المشاكل العالقة بين البلدين التوأمين بهدوء وروية واتزان.

كان من المرتقب أن ينصح الدولة الجزائرية بعدم استغلال مبدأ “تقرير المصير” وتوجيهه لتفتيت وتفكيك الوحدة الوطنية للدول وهو ما يتعارض مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة حسب منطوق القرار 1514 الذي تتشدق به الجزائر والاطروحة الانفصالية، وترك قضية الصحراء المغربية بين أيدي الأمم المتحدة، دون تسليح وتدريب وتمويل ومساندة إعلامية ودبلوماسية قل نظيرها لجبهة البوليساريو الانفصالية..

كان من المفروض على السيد عطوان وهو أدرى الناس بدور الإعلام ووظيفته المثلى في الدفاع عن الخير بدل الشر، أن يُقدم على خطوات ملموسة تسعى إلى التقريب بين الشعبين الجارين لنبرهن للعالم أن العرب ليسوا كائنات دموية جهنمية، يتقنون “ببراعة” فن الدمار والخراب والاقتتال الداخلي، ويجهلون فن التعمير والبناء والتسامح والسلام العالمي.

*إعلامي وباحث أكاديمي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات تعليق واحد
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي تمغربيت
  • مفتاح محمد4 فبراير 2022 - 7:45

    ان اسمه الحقيقي هو عبد الباري دولار وليس عطوان وله حقدا كبيرا على المغرب لانه لم يقدم له ولو درهما واحدا وكان يطالب التلفزة المغربية بالاداء اوالدفع مقابل مداخالاته سيما في فترة ابو عمار (ياسر عرفات) .
    وكان خطه التحريري في صحيفة ” القدس العربي”( ما هي قدس ولاعربي) يمرر أطروحة الجزاير الانفصالية في الصحراء الغربية المغربية بخبث كبير .ومن ” شيماته ” الاتجار بالقضية الفلسطينة وشيطنة اسراييل مثله كمثل دولة العسكر .الان والقضية اصبحت في كف عفريت هاهو يسقط في حضن ايران ويطبل لها يوميا .
    من مداخلاته المريبة الاخيرة تمجيد جنرالات الجزائر في نجاحها ازاء الحراك وشل حركته .
    انها البترودولارات التي تتكلم😄😄😄😄