';';

د.عبد الحق الصنايبي & الثقة فالوثيقة: شهادة فرحات عباس

admin13 يونيو 20221آخر تحديث :
د.عبد الحق الصنايبي & الثقة فالوثيقة: شهادة فرحات عباس

تمغربيت:

الحسن شلال 

* شهادات فرحات عباس من خلال مؤلفه: (autopsie d’une guerre : l’aurore) / تشريح حرب : الفجر :

موعد آخر مع الدكتور عبد الحق الصنايبي، في سلسلة التشريح التاريخي، بالوثيقة ولا شيء غير الوثيقة. قصد إنعاش ذاكرة من تعطلت لديه الذاكرة، مساهمة منه في تقديم ما يمكن تقديمه للجزائر الجديدة…جزائر المحافظة على الذاكرة الجماعية كما ينعتها “زين السمية”. لكن بالمصادر والاحداث والتواريخ والأسماء والشهادات…لا بتشراك الفم والمغالطات والمبالغات التبونية !

وثيقة اليوم وموثق اليوم هو مؤلف (autopsie d’une guerre : l’aurore) لمؤلفه فرحات عباس :

أول رئيس لأول حكومة مؤقتة جزائرية، حتى قبل 1962؛ تاريخ انفصال الجزائر الفرنسية عن فرنسا، عبر تقرير مصير شعب اختار الانفصال وتكوين دولة مستقلة لأول مرة في تاريخه. بعد اتفاقيات ومساومات ايفيان السرية التي سمحت فرنسا الأم، بموجبها انفصال الجزائر عنها مقابل مزايا لصالحها.. منها الاستحواذ على 60% من إنتاج المحروقات. والسماح لها بتواجد قواعد عسكرية بالجزائر الى حدود سبعينات القرن الماضي مخافة الغدر الجزائري entre autre.. ثم السماح لها بالقيام بعشرات التجارب النووية الخ الخ
فرحات عباس المتزوج بفرنسية والمؤمن حتى العظم او حتى النخاع، بتعايش بل انصهار ثقافي أمازيغي وفرنسي. سيجد نفسه خارج اللعبة السياسية على اثر الانقلاب عليه وعلى حكومته بواسطة ثوار الخارج (مجموعة وجدة). وبالتالي ستشهد الجزائر انقلاب وسيطرة الجهلة من القوم ومن لم يطلقوا رصاصة ولا صعدوا جبلا .. على حكومة مثلت مجموعة مجاهدي الداخل كما تصدرتها فئة من المثقفين وعلى رأسهم فرحات عباس.

في البدء لم تكن بدولة ولا هي بثورة

دكتورنا وقبل الخوض في المادة الرئيسية، لا بأس يذكرنا بأصل المؤلف اي القبايل ودولة القبايل التي لها تواجد مادي وسياسي قبل الجزائر وبقرون .. ويذكرنا ايضا بكلام جاء في المقدمة يقول فيها المؤلف ان اسم الجزائر لم يسمع به أحد ولم يتداول الا مع دخول الاتراك والمقصود به في سياقه التاريخي والجغرافي كما حدده بارباروس في مذكراته. ثم من كتب بعده من مشاهير المؤرخين، ليس دولة الجزائر كما يحلو للبعض ان يوهم .. بل مجرد قطعة جغرافية صغيرة لمدينة جزائر صغيرة بما فيها المرسى أو ميناء الجزائر الصغير ..

من المقبلات الخفيفة ايضا ، يضيف لنا الدكتور كلاما مفيدا للمؤلف مفاده وصف فرحات عباس ماوقع بين 54. و 62. بالتمرد insurrection ليس الا .. مقابل ما يشاع من تسميتها “ثورة” .. مما يذكرنا بكلام شبيه يعود لشهادة الجنرال الجزار خالد نزار، وزير الدفاع الأسبق وأحد ابرز جزاري العشرية السوداء يقول : (لا وجود لشيء اسمه الثورة الجزائرية ..فقط كانت هناك حرب .. وليس ثورة )..فخالد نزار و هو المحارب في صفوف جبهة التحرير كما يصف نفسه..لا يؤمن ولا يعترف بأن الجزائر مرت او قامت بثورة بمفهومها الانقلابي هو الآخر .. اي نعم .. لاوجود لثورة تؤكدها شهادة وزير الداخلية الجزائري الأسبق دحو ولد قابلية هو الآخر في مؤلفه Boussouf et le MALG*
La face cachée de la révolution*
حيث يقول : (مجموعة من الولايات بتعبيره ” marquent le pas” اي لم تبرح مكانها.. اي ان مجموعة من المناطق الجزائرية لم تشهد ثورة ولا شاركت في ثورة )..

* الغدر والخيانة بين الإخوة الأعداء

ثم يتطرق فرحات عباس لإحدى اوجه الصراع والغدر والخيانة بين مجاهدي الداخل ومجاهدي الخارج .. المتمثلة في عدم امداد ثوار الداخل بالسلاح المطلوب من طرف مجاهدي الخارج ..

فمن ينعتون بمجاهدي الخارج اي مجموعة وجدة بالمغرب ومجموعة اخرى بتونس كانوا يقترون على مجاهدي الداخل في عملية توزويدهم بما تتطلب المعارك من السلاح ليحتفظوا به لانفسهم .. فبومدين كان يهيء نفسه ومجموعته لاستلام الحكم وليس لتحرير الجزائر وترك السلطة للاخرين. خصوصا ان هؤلاء الآخرين هم مجاهدوا الداخل الذين يعرفهم الشعب الجزائري جيدا .. بينما بومدين ورفاقه من مجموعة وجدة كانوا معروفين في المغرب اكثر …

ولعل كلام المؤلف يتطابق ويتوافق مع شهادة نور الدين ايت حمودة ابن الشهيد القبايلي الحر اعميروش حيث يقول : “كان أغلب من أرسلوا من مجاهدي الداخل الى المغرب وتونس للتنسيق مع مجاهدي الخارج قصد طلب التزود بالسلاح لا يعودون الى الجبال. حيث كان جنود الخارج ينصحونهم ويحثونهم على البقاء معهم بالمغرب او تونس والانضمام الى صفوفهم وعدم الرجوع الى الجزائر .. باعتبارهم هم من سيحكمون الجزائر قريبا ..
أيضا أبدى فرحات واعميروش امتعاضهما من التصرفات الغريبة والمشبوهة لمجاهدي الخارج وهما يتساءلان كيف يتم تنصيب قيادة الأركان خارج الجزائر في أيدي من لا يحارب فرنسا .. بينما مجاهدوا الداخل الذين يخوضون معارك ضد فرنسا لا يمتلكون هذا الجهاز التنظيمي العسكري ؟!!

وفي موقع آخر من الكتاب، يروي لنا فرحات عباس شهادة احد رفاقه وهو العقيد او الكولونيل لطفي حين تواجدهما بيوغوسلافيا. ولنا ان نتحسس ونلمس مدى الحيطة والحذر والخوف وعدم الثقة بين مجاهدي الداخل ومجاهدي الخارج حيث يسر له عن رؤيته للأمور ، مستشرفا مستقبل الجزائر يقول: (جزائر مابعد الاستقلال ستفشل على أيدي العسكر الكولونيلات الجاهلين الأميين”قاصدا مجاهدي الخارج”.. لاحظت ان اغلبهم ميالون للمنهج الفاشي وكلهم يحلمون بالسلطة والحكم المطلق على شاكلة حكم السلاطين.. وان لهم طموحات فاشية ..لقد لاحظت من خلال صراعاتهم واقتتالهم بأنهم يشكلون خطرا على الجزائر المستقلة اي مابعد الاستقلال ولا يمتلكون ادنى فكرة او مفاهيم عن الديمقراطية والحرية والمساواة بين المواطنين ) ..

وهنا نلاحظ الفرق الشاسع بين ما كان عليه فرحات عباس و رفاقه من ثقافة ونظرة لجزائر مابعد الاستقلال اي الجزائر الجمهورية الديمقراطية فعلا الخ ..ومن استولوا على السلطة من خارج ارض المعارك ونظرتهم للسلطة على شاكلة الحكم الشمولي التوليتاري المطلق ..
العقيد لطفي بعد طرح تخوفاته وهواجسه من الاخوة الأعداء بالخارج ، ينصح فرحات بفعل شيء ما، لحماية الشعب الجزائري من تسلط واستيلاء هؤلاء على الحكم ، باعتبارهم تهديدا للجزائر وللشعب الجزائري مابعد الاستقلال ..
ملاحظات واسرار العقيد لطفي لاستشراف مستقبل الجزائر ما بعد الاستقلال- ان قدر الله فحكمها مجاهدوا الخارج وهو ما وقع – وقعت كما ذكر وبأقسى مما توقع وبأفظع مما تنبأ الرجل .. لكنها أبدا لم تكن من قبيل قراءة الفنجان ولا شعوذة شوافة ولا ضربا للغيب. فقد بنى مقولاته على معطيات ومعاشرة لهؤلاء القوم وسبر لأغوار افكارهم ومشاعرهم و رؤاهم وتصوراتهم حول أسلوب وعقيدة الحكم لديهم الخ الخ والتاريخ كما وقع يشهد على صدق تنبؤاته و لؤم الخصوم الءين انقلبوا على اول حكومة مؤقتة.

الغدر والخيانة ضد المغرب والمغاربة

في ثنايا كتابه، يشهد ويعترف فرحات عباس بخط موريس الفاصل حدوديا بين المغرب والجزائر الفرنسية. حيث يذكر احترام اعميروش والفرقة العسكرية التابعة له لهذا الخط الفاصل بين البلدين في تنفيذه للعمليات العسكرية. وبالتالي كما وضح الدكتور في حلقة سابقة بالخريطة والتفصيل أن الصحراء الشرقية( تندوف وبشار الخ) اراض مغربية باعتبارها واقعة داخل خط موريس الفاصل . وباعترافاتهم.

الغدر والخيانة ضد تونس والتوانسة

 

تونس ايضا على غرار المغرب كانت تحتضن 6000 مجاهد جزائري من مجاهدي الخارج … فرحات عباس يشهد ويعترف و يوثق لعملية اغتيال هؤلاء “المجاهدين” لعدد من الجنود التونسيين !!! كما يحكي لقائه ببورقيببة رفقة كريم بلقاسم على اثر هذا الحدث الغدار.

فبورقيبة كان عاضبا جدا وهو يعبر عن هذا الغدر والخيانة ضد من أحسنوا إليهم واحتضنوهم مخاطبا اياهما: (لم اكن اتصور ان الجزائريين جاحدين هكذا وناكرين للمعروف والخير والإحسان بهذا الشكل) مضيفا ( أن تونس الصغيرة قامت بأقصى ما في جهدها لمساعدة الجزائريين عبر احتضان مقاومتها ليقابلها هؤلاء الجنود بهكذا عمل ارهابي ضد جنود تونسيين …)

شهادات هي اذا من بين عشرات وعشرات الشهادات وحدث مروع من بين احداث وأحداث، توثق لغدر وخيانة الجزائريين سواء ضد بعضهم البعض او ضد المغرب والمغاربة او ضد تونس والتوانسة !

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.