';';

خلفيات الحملات المسعورة لنظام العسكر على المملكة المغربية (1)

مصطفى البختي5 يناير 20222آخر تحديث :
خلفيات الحملات المسعورة لنظام العسكر على المملكة المغربية

تمغربيت:

مصطفى البختي*

يبدو أن هناك أسباب أخرى وراء هجوم النظام العسكري الجزائري على المغرب، وهي الأسباب التي لا يُراد للشعب الجزائري أن يعرفها. ومن خلال الاطلاع على الوثائق التاريخية والتعرف على البنية السلوكية لحكام قصر المرادية يتبين بأن إشكالية “ترسيم الحدود” وارتباطها بالاستغلال المشترك لمنجم غارة جبيلات هو ما يرخي بظلاله على العلاقات المغربية-الجزائرية.

في هذا الصدد، ومنذ حصول المغرب على استقلاله، ومشكلة الحدود مع الجزائر مطروحة، وهي من أرخت بارتداداتها على قضية الصحراء المغربية وعلى العلاقات بين البلدين، حيث تدافـع الجزائـر عـن “الحدود” الموروثة عن الاستعمار، وما تشبثها بهذا المبدأ إلا دليل على أنها صنيعة الاستعمار الفرنسي بمرسوم؛ في مقابل المغـرب الـذي يطالب بحدوده التاريخية، والتي تمثل معاهدة “لالة مغنية” إطارا مرجعيا لها. وهي المعاهـدة التي وقعها المغرب مع فرنسا في 18 مارس 1845م،  والتي تنص على “استمرارية الحدود التي كانت بين المغرب والدولة العثمانية، لتصبح هي الحدود بين المغرب والجزائر الفرنسية وتعيين تفصيلي للحدود الإقليمية السياسية بينهما انطلاقا من سواحل البحر الأبيض المتوسط حتى “ثنية الساسي”، إلا أن هذه الاتفاقية أبقت منطقة الصحراء الشرقية في الجنوب (أي منطقة تندوف) في وضعية غامضة، بالإبقاء على “الصحراء منطقة مشتركة  région partagée entre les deux) pays ) نتيجة رغبة الاستعمار الفرنسي التوغل داخل المغرب، وسعيه لتثبيت وجوده بالجزائر، وهو ما كان يفضي للانتقاص التدريجي للتراب المغربي.

ستبدأ فرنسا بعد الاتفاق السري مع بريطانيا في 5 غشت 1890م، في احتلال مناطق مغربية شاسعة، وهي مناطق “توات وكورارة وإكلي في الساورة، وواحات تديكلت، وعين صالح، وبشار” وهو ما أثار احتجاجا قويا من طرف المغرب، اضطرت معه فرنسا، على عهد وزير خارجيتها تيوفيل ديلكاسي، للبحث عن توافق مع المغرب في مايو 1902م، بما سمي بـ: “اتفاقيات التخوم”، التي لم تحدد مناطق نفوذ كل طرف، بل سنت “مراقبة مشتركة” للمنطقة.

 هذه التعقيدات جعلت الوضع العام للعلاقات المغربية-الجزائرية حبيس التناقض الحاد بين البلدين إزاء قضية الصحراء؛ بسبب عدة عوامل تاريخية وجغرافية وإيديولوجية، فضلاً عن السياقات الدولية التي تشكلت طوال الفترات السابقة؛ وتعد الحدود المغربية-الجزائرية موضوعا ذا إشكال جغرافي وسياسي، مع التسليم بمسؤولية فرنسا في افتعال هذا المشكل الحدودي واستدامته، بل هي السبب الرئيس فيما ترتّب عنه من تداعيات سلبية.

 بعد استقلال المغرب، بدأت المحادثات المغربية-الجزائرية عام 1958م، دون نتيجة؛ بعد ظهور تأييد جانب من جبهة التحرير الجزائرية للتوجه الفرنسي بالتوسع على حساب التراب المغربي؛ وهو ما أكده رفض الملك محمد الخامس للتجارب النووية بالصحراء على الحدود مع مالي بتيدكلت وعين صالح؛ معتبرا إياها أراضي مغربية؛ وجزء لا يتجزأ من المملكة المغربية، ودفع السلطان المغربي بكون حدود الجزائر تبقى في دائرة نفوذ السيطرة العثمانية، وأن احتلال فرنسا للجزائر، ومصلحتها في التقدم نحو المغرب كان يتم على حساب حدوده التاريخية.

 وفي 6 يوليوز 1961م، جاء في وثيقة وقعها كل من الملك الحسن الثاني وفرحات عباس رئيس الحكومة الجزائرية المؤقتة: أن: “المغرب يدعم استقلال الجزائر، ويعارض أي تفتيت للتراب الجزائري، فيما اعترفت الحكومة الجزائرية المؤقتة بالمشكل الترابي الناشئ عن تخطيط الحدود، المفروض تعسفا فيما بين القطرين، معتبرة أن هذا المشكل سيوجد له حلا بعد استقلال الجزائر.

مباشرة بعد استقلال الجزائر (أو بالأحرى تأسيس الجزائر) سنة 1962م، عاد المغرب ليطرح قضية الحدود في إطار استكمال وحدته الترابية. وتزامن ذلك مع ما شهدت كولومب بشار من قمع القوات الجزائرية للمظاهرات التي حاول من خلالها سكان المنطقة المطالبة للانضمام إلى المغرب بعد تعبيرهم عن ولاءهم للملك المغربي.

 وفي ظل هذه الأجواء المتوترة بين البلدين أعاد الملك الحسـن الثاني، ومن خلال زيارته للجزائر في الفترة الممتدة بين 13-15 مارس 1963م، المطالبة بفتح ملف الحدود.، وهو ما قابلته الجزائر بالتنكر لالتزاماتها وتعهداتها للمغرب، مما أدى إلى توتر الوضع بين البلدين، وهو التوتر الذي سيزداد عندما طرح المغرب قضية الصحراء على لجنة تصفية الاستعمار سنة 1963م والإلحاح في المطالبة بتسوية مشكلة الحدود العالقة.

قضية الحدود بين البلدين ستتفاقم وبدأت بوادر الأزمة تلوح قريبة، خاصة بعد وقوع تحرشات عسكرية حول تندوف وقمع القوات الجزائرية لمظاهرات سلمية طالبت بالانضمام إلى الوطن الأم. وقد أرسل المغرب إلى الجزائر مبعوثين في وقتين متلاحقين من أجل تسوية المشكلة، لكن قادة الثورة الجزائرية رفضوا أن يبتُّوا في موضوع الحدود قبل الانتهاء من انتخاب الجمعية الوطنية الجزائرية.

وإذا كانت المشاكل الترابية هي أصل الخلافات، فلأنها تطرح تساؤلات بخصـوص التوازن الاستراتيجي، مما أسفر عن مواجهة عسكرية بين البلدين عرفت بـ “حرب الرمال” سنة 1963م. . لكن التباعد بين موقفي البلدين، والذي وصل إلى حد التناقض، كاد أن يسبب في حرب رمال أخرى عام 1966م، عندما أعلنت الجزائر عن عزمها تأميم أحد عشر منجًما، بما فيها منجم غارة جبيلات الموجود بمنطقة تندوف، والتي كانت منطقة متنازع عليها مع المغرب.

لقد أدى تضارب الموقفين إلى التصعيد واللجوء إلى حشْد القوات العسكرية مرةً أخرى في تندوف، أعقبتها مناوشات عسكرية في بداية يوليوز/تموز 1966م، داخل منطقة فكيك، وأخرى شهدتها منطقة بشار عام 1967م. ولم يخل التوتر من صدامات عسكرية في سنة 1967م، بتندوف؛ أدت لسعي المغرب لطرح النزاع على الأمم المتحدة، مقترحا الاستغلال المشترك لمناجم الحديد في غارة جبيلات في مقابل الاعتراف المغربي بجزائرية تندوف، وهو ما التزمت به الجزائر، فيما بعد…لكن توقيعا لا تنفيذا، وهو ما يطرح إشكالية الالتزام باتفاق 1972م من عدمه ما دام أنه اتفاق ملزم للطرفين إذا أخل أحد ببنوده لم يلتزم الطرف الآخر بمضمونه.

*باحث متخصص في قضية الصحراء المغربية

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

التعليقات تعليقان
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها وليس عن رأي تمغربيت
  • Mohjaz5 يناير 2022 - 10:35

    Il est temps de retraçer les frontières avec ce qu’on appèlle aujourd’hui *Dzair* même par la force s’il le faut.

  • rabi6 يناير 2022 - 6:26

    لا نريد الحديد… نريد تحرير واسترجاع أراضينا… نريد حدودا مع مالي وإغلاق الباب بين بلاد الكراغلة وموريتانيا.. من تكون فرنسا حتى تفرض علينا حدودا وتلتهم أرضا مات من أجلها أجدادنا لقرون…