تمغربيت:
مصطفى البختي*
هل تتحول سيطرة البوليساريو على تندوف إلى دولة بحكم الواقع؟
هل وهم جمهورية البوليساريو أجبر شنقريحة وجماعته على قبول أمر الواقع بتسليم تندوف التي تسيطر عليها الميليشيات إلى الجبهة الوهمية لتصبح حقيقية؟
هل أصبح الحلم الموعود بدولة وهمية مجرد ترهات؟ مما أجبر النظام العسكري الجزائري الحاكم بتسليم تندوف للبوليساريو وترسيم الحدود معها لتحقيق حلمهم المبتور؛ مبررين ذلك باعتبار تندوف أرض مغربية وتم ضمها للتراب الجزائري من طرف فرنسا في 1950؛ وأن سكانها الأصليين رفضوا الانتماء للجزائر الفرنسية؟
هل تحققت نبوءة الجزائر الشمالية والجزائر الجنوبية؟
أكدت كل من مجلة لوبوان le point ؛ و لوموند le monde ؛ الفرنسيتين؛ بأن منطقة تندوف أصبحت تحت سيطرة ميليشيات البوليساريو؛ وبحكم التقادم وتلاشي وهم النظام العسكري الجزائري الحاكم في تحقيق جمهوريتهم على الأراضي المغربية أو اخراجهم تجنبا لمعاقبته بجرائم الإبادة وجرائم ضد الإنسانية وفق القانون الجنائي الدولي إلى جانب عدم سماحه لميليشيات البوليساريو القبول بالحكم الذاتي الذي اقترحه المغرب بعد أن خسرت على معاكسة المغرب في هذا النزاع ما يزيد عن 500 مليون دولار أمريكي.
ونتيجة فشله دبلوماسيا وعسكريا؛ لم يبق أمام نظام شرق الجدار إلا واقع ترسيم الحدود بينه وبين ما يسمى الجمهورية المصطنعة التندوفية؛ بمنحهم تندوف لتحقيق وهم دولة البوليساريو؛ مجبرين من ناحية بسيطرة ميليشيات البوليساريو على منطقة تندوف؛ ومن ناحية أخرى فشلهم الذريع في الاختراق أمام الحزم والصرامة المغربية في مواجهة مناورات أعداء الوحدة الترابية للمملكة.
ولهذا أنشأوا لجنة مشتركة مع مسؤولي جمهورية تندوف لترسيم الحدود بين البلدين. وهي لجنة عملت في مايو 2021، تحت إشراف الجنرال الجزائري زرهوني عمار توفيق والأمين العام لما يطلق عليها وزارة دفاع جمهورية تندوف. على “عملية رصد الإحداثيات واستخراج الخط الحدودي” بتندوف بإقليم الناحية العسكرية الثالثة بدولة نظام الثكنات.
وأمام تلاشي حلم الجمهورية المزعومة، وجد المجلس العسكري، المهووس بهذه الحساسية ، العرض من خلال رسم الحدود لتشكيل دولة داخل الجزائر نفسها. بعد أن أصبحت المنطقة العازلة الموجودة شرق الجدار الرملي الخاضعة للسيادة المغربية محرمة على ميليشيات البوليساريو.
وفي اطار صلاحيات السيادة على جمهورية تندوف؛ قام بن بطوش بتدشين مستشفى وما سماه مصنع لتدوير البلاستيك؛ مما يؤكد تنازل نظام الثكنات عن ولاية تندوف لصالح ميليشيات البوليساريو أمام الواقعية المغربية من جهة وسيطرة ميليشيات البوليساريو على منطقة تندوف من جهة أخرى.
من جهتها، أفادت مجلة الجيش الناطقة باسم وزارة الدفاع الجزائرية في عددها 696 (يوليوز 2021) إلى أنه و “في إطار جهود الجزائر في ترسيم الحدود الوطنية مع الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، أشرفت اللجنة التقنية المختلطة المكلفة بمراقبة وصيانة وتكثيف المعالم الحدودية يومي 14 و15 يونيو 2021، بتندوف بإقليم الناحية العسكرية الثالثة، على وضع اللمسات الأخيرة لعملية ترسيم الحدود مع البلد الشقيق الجمهورية الصحراوية”.
شارك في أشغال اجتماع اللجنة، “عن الجانب الجزائري اللواء زرهوني عمار توفيق رئيس مصلحة الجغرافيا عن بعد لأركان الجيش الوطني الشعبي، وعن البوليساريو الأمين العام لوزارة الدفاع سيدي أوغال”.
هذا وقد اعتمدت اللجنة في تقريرها النهائي على ما تم إنجازه في الفترة الممتدة من 2 إلى 10 مايو 2021 ؛ بالإضافة إلى عملية رصد الإحداثيات واستخراج الخط الحدودي؛ كما قام رئيس مصلحة الجغرافيا والكشف عن بعد لأركان الجيش الوطني الشعبي بمعاينة المعالم الحدودية التسعة الموضوعة على طول الحدود بين البلدين”.
وهكذا اعتبرت ميليشيات البوليساريو أن “ترسيم الحدود المشتركة بين البلدين في إطار تعزيز التعاون الإقليمي وتجنب سوء التفاهم، حيث من المنتظر قريباً أن تصبح ما يقرب من 40 كيلومترًا من الطريق الحدودي بين الجزائر والجمهورية المزعومة موضوعًا لترسيم دقيق للحدود، عن طريق علامات إرشادية نصبتها فرق مشتركة من الفنيين”.
وخلال مشاركته في الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، المخصص لتقييم تنفيذ إستراتيجية المنظمة القارية للإدارة المتكاملة للحدود بين الدول الأعضاء؛ قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة إن “بلاده أنهت مؤخرا ترسيم حدودها مع جميع البلدان المجاورة، بما في ذلك مع “الجمهورية الوهمية الجديدة”.
وإذا كان هذا الإجراء لا يمكن تثبيته من ناحية القانون الدولي ومن حيث الاتفاقيات الدولية، إلا أن الواقع فرض تواجد صنيعة الكازيرنات بعد أن أدخله إلى البيت الإفريقي، ولو مؤقتا، واستحالة تحقيق حلم الوصول إلى الأطلسي.
هذه المستجدات تأتي في وقت دخلت فيه قضية الصحراء المغربية منعطفات جديدة، تجسّدت أساساً في الانتصارات الدبلوماسية للمغرب في قضيته الأولى على المستوى الدبلوماسي والميداني. ومن هذه الانتصارات الدبلوماسية للمغرب قرار مجلس الأمن 2602 “الواضح والحازم والثابت”، إضافة إلى التضامن الدولي الواسع ومباركة مجلس الأمن الدولة لعملية تحرير معبر الكركرات، ثم توالي إنشاء تمثيليات دبلوماسية في كل من العيون والداخلة، إضافة إلى اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الكاملة للمغرب على صحرائه.
*متخصص في ملف الصحراء المغربية