تمغربيت:
الصادق بنعلال*
بعد رسالة رئيس الحكومة الإسبانية السيد بيدرو سانشيز للملك محمد السادس، الداعية إلى طي صفحة الأزمة الديبلوماسية غير المسبوقة، والشروع الفوري في إقامة علاقة جديدة وبناءة بين المملكتين الجارتين، مستندة إلى الشفافية والحوار والاحترام المتبادل، والنظر إلى عالم الغد برؤية تشاركية متينة تحفظ مصالح الطرفين في الأمن والاستقرار والوحدة الترابية، يرتقب العقل الراجح والمقاربة السياسية القويمة رسالة أخرى من السيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية الشقيقة، خاصة بعد أن تدفقت مياه غزيرة تحت جسر “الاتحاد المغاربي”، واكتظت الساحة الإقليمية والدولية بعديد التحولات والتطورات الجيوستراتيجية النوعية، ومن المؤمل والمرتقب أن تصاغ الرسالة الجزائرية “المنتظرة” على المنوال الآتي:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى جلالة الملك محمد السادس ملك المغرب.. تحية واحتراما وبعد،
يسعدني بالغ السعادة أن أغتنم حلول شهر رمضان الفضيل، لأبعث لكم أصالة عن نفسي ونيابة عن الشعب الجزائري قاطبة، بأطيب الأماني وأزكى الأمنيات بهذه المناسبة الدينية العظيمة، سائلاَ الله تعالى لكم دوام الصحة والسعادة، ولشعبكم الشقيق واسع الرخاء والازدهار.
منذ خطابكم المحترم يوم 31 يوليوز 2021 المخصص لذكرى الاحتفال بعيد العرش المجيد، والذي دعوتم فيه الدولة الجزائرية “إلى تغليب منطق الحكمة، والمصالح العليا، من أجل تجاوز هذا الوضع المؤسف (وضع التوترات الإعلامية والدبلوماسية)، الذي يضيع طاقات بلدينا، ويتنافى مع روابط المحبة والإخاء بين شعبينا، اعتبارا من أن المغرب والجزائر أكثر من دولتين جارتين، إنهما توأمان متكاملان، والعمل سويا، في أقرب وقت مناسب على تطوير العلاقات الأخوية، التي بناها شعبانا، عبر سنوات من الكفاح المشترك”، قلت منذ هذا اليوم (أي مدة ثمانية أشهر) ونحن نشتغل بجدية فائقة على موضوع الرد على دعوتكم النبيلة الحافلة بالقيم الدينية والإنسانية السامية، رغم “الأزمات” المتعددة التي صادفتنا في كل وقت وحين، يعلم الله – جلالتكم – المكانة الاستثنائية التي تحظون بها في بلدكم الثاني الجزائر، بفضل حكمتكم ورزانتكم وانخراطكم المثالي في خدمة مواطنيكم بهدوء وعقلانية وروية، وهذا – لعمري – ليس غريبا عن رجالات الأمة المغربية التليدة، إنها فرصة بالغة الأهمية أغتنمها لأعرب لكم عن عزمنا الوطيد في العمل على توطيد علاقات الأخوة والتضامن القائمة بين بلدينا، ومد جسور التآزر والتعاون بينهما خدمة لمصالح شعبينا الشقيقين، وبلورة آمال شعوبنا المغاربية والعربية على حد سواء.
جلالة الملك، أدرك أن قراري هذا – المتمثل في حتمية إقامة تطبيع كامل للعلاقة بين بلدينا – بقدر ما يحظى بتشجيع ومؤازرة مسؤولين جزائريين كبار، بقد ما يواجه رفضا وصدا من قبل آخرين لا يقلون عنهم مكانة ومرتبة، لكن ورغبة مني في رؤية الضوء في آخر النفق، أصررت على المضي في سبيل إنجاز المصالحة والأخوة والعمل المشترك، مهما كلفني هذا الخيار من تضحيات جسام، فالأمر جلل وما هو بالهزل، وفي الأثناء لا أخفي امتناني وتقديري للسيد رئيس الحكومة الإسبانية الذي اختار ورقة التنمية والسلام والاستقرار، بدل الاستمرار في مسلك المماحكة عديمة الجدوى، ولا يسعني في هذا السياق إلا أن أستعين بكلماته العطرة وتعابيره النيرة ورؤيته الاستراتيجية الثاقبة، لأخبركم بكامل الوضوح وبالغ الشفافية عن ” كوني أدرك أهمية قضية الصحراء المغربية بالنسبة للمغرب والمجهودات الجادة والمعقولة التي يبذلها المغرب، في إطار الأمم المتحدة، لإيجاد حل مقبول من الطرفين. وفي هذا الاتجاه، تعتبر الجزائر اقتراح المغرب للحكم الذاتي المقدم عام 2007 الأساس الأكثر جدية وصدقية وواقعية لحل هذا الخلاف.” وبناء على هذا التحول الجذري المفصلي «أنتظر بفائق الصبر المناسبة لعقد لقاء مع جلالتكم في أقرب وقت ممكن من أجل تجديد وتعميق العلاقة المتميزة بين بلدينا الشقيقين، بروح من التعاون الوثيق، ونجدد عزمنا لمواجهة التحديات المشتركة معا، والعمل على الدوام في إطار روح من التعاون الكامل وإعادة إرساء الوضع العادي لحركة الأشخاص والبضائع لصالح شعوبنا. وسيتم تنفيذ كل هذه الإجراءات من أجل ضمان استقرار وسلامة بلدينا”. وختاما يقول الله عز وجل في محكم تنزيله: “واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”، صدق الله العظيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*أكاديمي وباحث إعلامي