تمغربيت:
د. عبد الحق الصنايبي*
عندما تناول موقع “تمغربيت” الأرقام التي صدرت عن منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” والتي قالت بأن أزيد من 5 ملايين جزائري يعيشون تحت وطأة “نقص حاد في التغذية” ومنهم 3 ملايين في وضعية المجاعة، خرجت أبواق نظام الثكنات ترعد وتزبد وكأننا نقلنا الموضوع من عندياتنا. وكان على القوم أن ينتقذوا المنظمة الدولية وليس موقع مغربي بالكاد اقتحم مجال السوشل ميديا.
وبعدما ثار القوم وانتفضوا وهاجوا علينا، ها هي الصفحة الرسمية لقناة الشروق الجزائرية تخرج علينا بتقرير صادم حول “ندرة المواد الاستهلاكية”، ولا ندري هل يعلم القوم معنى كلمة ندرة والتي يقصد بها في معجم المعاني “قلة الشيء إلى درجة يصعب التحصُّل عليه”. فماذا تعني صعوبة الوصول إلى المواد الاستهلاكية؟ تعني ببساطة أن هناك مشكل خطير في التغذية وهي الآفة التي رصدتها بأمانة منظمة التغذية والزراعة.
إننا، ونحن نرصد هذه الأزمات التي يتخبط فيها الشعب الجزائري الشقيق، لا نقصد الشماتة ولا التشفي، وحاشا لله أن نكون من هؤلاء القوم الذي يرضون لإخوانهم ما لا يرضونه لأنفسهم، وإنما نقول بأن هذا النظام الظالم المجرم مسؤول عن إيصال الشعب الجزائري إلى هذه الوضعية الصعبة وهذه الحالة من البؤس الاجتماعي.
وإني لأسأل الإخوة في الجزائر: ماذا استفاد الشعب الجزائري من إنفاق ملايير الدولارات على نزاع مفتعل لا يهم الجزائريين لا من قريب ولا من بعيد؟ وماذا استفاد الشعب الجزائري من إغلاق الحدود وقطع العلاقات والإيهام بأن المغرب يريد شرا بالجزائر؟ وكيف تقبلون أن يسكن الانفصاليون أجنحة ملكية في فنادق فخمة في حين أن الشعب يعاني شظف العيش وقلة الحيلة أمام الجيش؟
وإننا نسألكم بالله ثم بالرحم: هل فعلا تصدقون أن المغرب يريد بكم شرا؟ ولماذا؟ ومن أجل أي هدف؟ الجواب يكمن في أن نظام الثكنات متشبع بخلاصات برتراند راسل والتي تقول بضرورة وجود عدو خارجي ولو في مخيلة الشعب. وهذا العدو يهدد أمن واستقرار التجمع العمراني وهو التهديد الذي يضمن اصطفاف الجماهير إلى جانب أطروحة النظام وبذلك يطمئن إلى استمراره على رأس السلطة السياسية.
هذا هو الفخ وهذه هي المصيدة التي يحاول أن يجركم إليها نظام لا يعاني ما تعانون ولا يعيشون ما تعيشون، بل عاش على الاستثمار في معاناتكم وعلى مص دمائكم إلى آخر رمق، ولو كان نظاما محترما لرأيتم الجزائر مهوى الأفئدة وجنة الله في أرضه…فهل تصدقون أنكم أفضل من المغرب؟ وفي جميع المجالات؟ فليفتحوا الحدود إذا، ولو لأيام، وليتركوا الشعب يحكم…لن يستطيعوا إلا إذا فُرض عليهم الأمر فرضا من طرف إرادة شعبية لا تعرف مطالبها حدود إلا أن تكون الكلمة العليا لها وليس لنظام قابع وراء مكاتب فارهة في ثكنات محصنة.
*خبير في الشؤون الاستراتيجية والأمنية